تفضل للدخول من هنا مكافحة الابتزاز الالكتروني

هل يمكن التعامل مع جريمة الابتزاز الإلكتروني كجريمة حقوقية ؟

هل يمكن التعامل مع جريمة الابتزاز الإلكتروني كجريمة حقوقية ؟

جريمة الابتزاز الإلكتروني ….. جريمة حقوقية 

extortion is a human rights crime

    هل من الممكن أن نعتبر جريمة كجريمة الابتزاز الالكتروني ، جريمة حقوقية إلى جانب كونها جريمة جنائية يعاقب عليها بالسجن ، وجريمة مدنية لها شق تعويضي ؟ ، ألم تصنف جرائم الابتزاز الإلكتروني كجرائم جنائية دولية ، ويعاقب كذلك ، على الجرائم الحقوقية ، المرتكبة ضد الحقوق والحريات العامة دولياً .

فلماذا لا نعتبر جريمة الابتزاز الإلكتروني جريمة حقوقية إذاً ؟!

  فإذا استعرضنا معاً تعريف الحرية وفقاً لإعلان حقوق الإنسان الفرنسي الصادر عام 1789 بأنها “ حق الفرد في أن يعمل كل ما لا يضر بالآخرين ولايمكن إخضاع الحرية الطبيعية لقيود إلا من أجل تمكين الجماعة الآخرين من التمتع بحقوقهم وهذه القيود لا يجوز فرضها إلا بقانون ” .

  فوفقاً لمحاور هذا الإعلان فإن الحريات العامة والحقوق تقررت للفرد باعتباره إنساناً مجرداً ، وتنقسم إلى الحريات الفردية التي تتصل بذات الفرد ، كحق الأمن ، و حرية التنقل ، واحترام حرمة المسكن ، وسرية المراسلات ، وحرمة الحياة الخاصة للأفراد .

وهناك حريات أخرى ، وهي الحقوق والحريات العامة التي تقررت للفرد باعتباره يعيش وسط جماعة من الأفراد ، وهذه هي حرياته وحقوقه في مواجهة الجماعة التي يعيش فيها . وذلك كحرية الرأي وحرية الدين والتعليم والصحافة والمسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون والاجتماع والتجمعات .

والنوع الثالث هي الحرية الاقتصادية ، كحرية الحق في العمل ، والحريات النقابية وحق الملكية ، إلخ ….

  ولكن ما يهمنا هنا هو النوع الأول ، الخاص بانتهاك الحرية الشخصية للفرد ، كحقه في الخصوصية وعدم انتهاك حرمته الخاصة ، وحقه في السرية ، وحقه في العيش في أمن وأمان . فتلك الحقوق هي موروثات إنسانية ، لصيقة بالشخص باعتباره إنساناً ، وأهم الحريات على الإطلاق ، لا يمكن تصور حياة الإنسان بدونها .
  وإذا نظرنا لتعريف جريمة الابتزاز الالكتروني نجد أنه “ جريمة تتعلق بالحصول على أموال أو ممتلكات أو خدمات من فرد أو مؤسسة عن طريق الإكراه ، واستخدام قوة غير مشروعة ، كاختراق حاسوب وإلتقاط صور أو فيديوهات ” مادة جنسية ” للشخص أو قد يكون هو من قدمها للمبتز بنفسه ، ثم يقوم المبتز بطلب المال في المقابل ، فيسبب كثير من المعاناة والألم للضحية . ” ومن الممكن أن نسميه ” ابتزاز قسري ” .

 وإذا قمنا بتحليل وقراءة لهذا التعريف ، قد نستنتج ما يلي ،

# أولاً : في حالة تهديد شخص وإكراهه أو جبره على دفع أموال أو تقديم خدمة أو التنازل عن ممتلكات ، ألم يكن هذا إعتداء صريح وواضح على حق الملكية المتمثل في الأموال والممتلكات ، وعلى حق الأمن والأمان المتمثل في عنصر التهديد والإجبار ، الذي من المفترض أن يكون حق أصيل للإنسان ، بأن يكون آمن على حياته وممتلكاته .

# ثانياً : في حالة القرصنة أو اختراق شبكة أو جهاز إلكتروني والاستيلاء على محتويات ذي طبيعة خاصة وحساسة للأفراد في حال تم فضحها ، كمحتوي جنسي على سبيل المثال ، ألم يعد هذا انتهاك صارخ لخصوصية الأفراد وحرمتها ، في حال أن حق الخصوصية هو حق تكفله جميع الدساتير وانتهاكه معاقب عليه قانوناً .

# ثالثاً : في حالة اختراق الهواتف ، والاطلاع على المراسلات الخاصة بالأفراد ، وتصيد الذلات والأخطاء وتهديد الشخص بها ، أليس ذلك انتهاك لسرية المراسلات ، وحرمة الحياة الخاصة للأفراد .

  فأتصور أن هذه الجريمة إلى جانب كونها جريمة جنائية ، فهي أيضاً جريمة حقوقية ، تحتوي على انتهاك لحقوق أصيلة للإنسان ، قد كفلتها القوانين والدساتير الوطنية والدولية .

   فعلى سبيل المثال ، ووفقاً لدستور جمهورية مصر العربية فقد نصت المادة 17 على أن ” كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم ، وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء . “

وجريمة الابتزاز الالكتروني هي تجسيد واضح لهذه المادة ، فهي تعتبر اعتداء على حرية شخصية ، والحق في حرمة الحياة الخاصة للمواطن .


   وربما هناك تصور آخر قد يصف الحالة بصورة أوضح ، وهو في ابتزاز بعض الدول الغير الديمقراطية ، أو مدّعية الديمقراطية ، للأفراد أو الصحفيين بدخول السجون أو الشطب من النقابة ، وفقدان العمل ، من أجل طمس الحقائق ، وقمع حرية الرأي والتعبير ، وإسكات أصوات المعارضين بتهديدهم وابتزازهم بسلب حريتهم ، وقطع أرزاقهم ، لكي يتخلوا عن آرائهم ، رغم أن حق الرأي والتعبير مكفول في كافة الدساتير العربية والدولية ، وأتخيل أنها صورة واضحة لاندماج جريمة الابتزاز مع جرائم الحقوق والحريات ، وهو ما يمكن أن نسميه ” ابتزاز بواسطة القوة ” والقوة هنا متمثلة في الدولة بكامل مؤسساتها ضد الأفراد الذي هم أقل قوة منها ، حيث تستغل الدولة قوتها بطريقة غير مشروعة في ترهيب وابتزاز المعارضين لجبرهم على الخضوع لها .

   فإذا كانت الدساتير قد كفلت هذه الحقوق للفرد في مواجهة الدولة ، فما بالك لقيام شخص بانتهاك حق لشخص آخر ، لذا يجب اعتبار هذه الجريمة ، جريمة جنائية حقوقية دولية ، ويجب أن يكون هناك تعاون دولي واسع لاعتبارها جريمة حقوقية يعاقب مرتكبها في أي دولة كانت ، باعتبارها تعدي على حرمة الحياة الخاصة للأفراد .

   وعلى منظمات حقوق الانسان ، والمنظمات الداعمة لحقوق المرأة ، باعتبارها هدف رئيسي لتلك الجرائم ، القيام بحملات لمكافحة تلك الجرائم ، وتقديم الدعم اللازم لضحاياها ، والقيام بحملات توعية ضدها ، لأن هذه الجريمة لم تستهدف عنصر أو اثنين فقط في المجتمع ، إنما استهدفت جميع طوائفه ، من رجل ، إمرأة ، شاب ، فتاة ، شركات ، مؤسسات ، وحتى الأطفال لم يسلموا منها ، فهذه الجريمة لم تتخلف عن أحد ، فقد انتهكت حقوق الجميع .

    لذا أظن أن اعتبارها جريمة حقوقية أمر بديهي ، وأن التعامل معها على هذا النحو ، قد يفتح الطريق أمام الكثيرين لكي لا يتخلوا عن حقوقهم ، ويواجهوا الموقف بشجاعة ، باعتبار أن حياتك الخاصة هي حق لا يجوز انتهاكه أو الاقتراب منه .

اتصل بنا الان > مكافحة الابتزاز

اترك تعليقاً